وأيضا: فإنه يلزم هذا القائل: أن لا يقبل خبر اثنين، لأنه لم يثبت، أن النبي عليه السلام اقتصر في كتب عهوده وإقطاعاته على شهادة رجلين فحسب، بل المستفيض: أنه كان يشهد فيها جماعة أكثر من اثنين، فإذا لم يدل إشهاده على هذه الكتب من اثنين على بطلان خبر الاثنين، كذلك لا يدل على بطلان خبر الواحد.
واستدل على اعتبار خبر الاثنين من فعل الأئمة: بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين سأل الناس عن ميراث الجدة، أخبره المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، وقال له أبو بكر: أئتني بمن يشهد معك، فشهد معه محمد بن مسلمة، فحكم لها السدس، وأن عمر رضي الله عنه رد خبر أبي موسى الأشعري في الاستئذان، حتى شهد معه أبو سعيد الخدري (1)، ورد خبر المغيرة بن شعبة في الحبس، حتى شهد معه محمد بن مسلمة ولم يقبل خبر فاطمة ابنة قيس في إسقاط نفقة المبتوتة وسكناها، (2) وقال: (لا ندع كتاب ربنا، وسنة نبينا، بقول امرأة، لا أدري أصدقت، أم كذبت) وهذه العلة موجبة في سائر أخبار الآحاد.
ولم يقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما خبر عثمان (3) في رد الحكم ابن أبي العاص (4) إلى المدينة، وطلبا مخبرا آخر معه، وقد كان عثمان ذكر: أن النبي عليه السلام وعده أن يرده إلى المدينة. (5) ولم يقبل علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، خبر أبي سنان