باب القول في أحكام الأشياء قبل (مجئ) (1) السمع:
- في الحظر والإباحة - قال أبو بكر رحمه الله: أحكام أفعال المكلف الواقعة عن قصد على ثلاثة أنحاء في العقل: مباح، وواجب، ومحظور.
فالمباح: ما لا يستحق المكلف بفعله ثوابا، ولا بتركه عقابا. (2) والواجب: ما يستحق بفعله الثواب، وبتركه العقاب.
والمحظور: ما يستحق بفعله العقاب، وبتركه الثواب.
ثم اختلف الناس بعد ذلك في (حكم) (3) الأشياء التي يمكن الانتفاع بها قبل مجئ السمع.
فقال قائلون: هي كلها مباحة، إلا ما دل العقل على قبحه، أو على وجوبه.
فما دل العقل على قبحه: الكفر، والظلم، والكذب، ونحوها، فهذه الأشياء محظورة في العقل.
وما دل العقل على وجوبه: التوحيد، وشكر المنعم، وما جرى مجرى ذلك.
وما عدا ذلك فهو مباح، قالوا: ومعنى قولنا مباح: أنه لا تبعة على فاعله، ولا يستحق بفعله ثوابا، على ما بينا.
وقال آخرون: ما عدا ما دل العقل على وجوبه من نحو: الإيمان بالله تعالى، وشكر المنعم، ونحوهما فهو محظور.
وقال آخرون: لا يقال في الأشياء قبل ورود السمع: إنها مباحة (ولا يقال): (4) إنها محظورة، لأن الإباحة تقتضي مبيحا، والحظر يقتضي حاظرا، وقالوا مع ذلك: (5) لا تبعة