ومن أفعاله ما يقارنه أمر منه بالاقتداء به، فيكون ظاهره لزوم فعله لنا، حتى تقوم الدلالة على غيره، كقوله عليه السلام: (خذوا عني مناسككم) وكقوله (صلوا كما رأيتموني أصلي) وقوله: (أقيموني وليأتم بكم من بعدكم) فيقتضي هذا القول لزوم الاقتداء به في سائر أفعال المناسك، وأفعال الصلاة، ويجوز أن يقال في قوله (صلوا كما رأيتموني أصلي) أن لا يصح الاستدلال به في وجوب أفعاله فيها، لأنه أمرنا بالاقتداء به على وصف، وهو: أن نصلي كما رأيناه صلى، فنحتاج أن نعلم كيف صلى: من ندب، أو فرض، فعليه مثله، وما فعله النبي عليه السلام مما يحتاج إليه كل أحد في نفسه ولا يستغني عنه في العادة: من نحو الأكل، والشرب، والقيام، والعقود، والنوم، ونحو ما روى أنه (كان إذا دخل بيته يخصف النعل، ويخيط الثوب) فإن ذلك ليس على الوجوب، لأنا قد علمنا أنه لم يكن ينفك من هذه الأفعال، والحاجة إلى فعلها ضرورة لكل واحد، ومع ذلك فلا سبيل لأحد إلى الاقتداء به فيها، لاستحالة لزومه في سائر أحواله، وخصف النعل، وخياطة الثوب، قد علم بظاهر فعله أنه لم يرد به إيجابه علينا.
وجائز أن يكون فعله يرد لمثل هذه الأشياء قربة، من جهة ما قصد به من التواضع، وترك الكبر، ومساواة أهل البيت، ليستحق به الثواب على الله تعالى، وليقتدي به غيره فيه.