إذا نزلت (1) بهم نازلة (2) في أمر (3) الدين، سألوا الصحابة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفزعوا إلى القياس، (ولم يعتدوا به)، (4) إلا بعد فقد السنة. فدل: على أن خبر الواحد مقدم على القياس.
ومن جهة أخرى: إن المخبر إذا كان عدلا، (صادقا). (5) ضابطا، تسكن النفس إلى خبره - فهو يقول لنا: هذا نص الحكم. والقائس (6) لا يمكنه أن يدعى: أن ما أداه إليه قياسه حقيقة حكم (7) لله تعالى، فكان للخبر مزية على النظر.
وأما إذا كان ورود الخبر ممن (8) ظهر من السلف التثبت في روايته، ومقابلتها بالقياس، أو لم يكن الراوي له معروفا بالضبط والإتقان، فإنما جاز معارفته بالقياس وساغ الاجتهاد في تقدمة (9) القياس عليه، من قبل: أن السلف قد اعتبروا ذلك وعارضوا (10) كثيرا من هذا الضرب من الأخبار بالنظر، كنحو معارضة (ابن عباس) (11) لخبر أبي هريرة في الوضوء مما مست النار فقال: (إنا نتوضأ بالحميم وقد أغلى على النار) (12) وكخبر فاطمة بنت قيس - في إبطال السكنى والنفقة - قال فيه عمر بن الخطاب: (لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا) (13) لقول امرأة).
ذهب عيسى بن أبان رحمه الله إلى أن قوله: وسنة نبينا، إنما عنى به قياس السنة (14)