تعالى، أو على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا فرق بينه وبين من أنكر أمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم (لنا) (1) بالتوحيد والتصديق بالنبوة، (2) لأنه من حيث أمرنا بذلك، كان أمره به مقرونا بالأمر (بالنظر والاستدلال) (3) على التوحيد، وعلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم: أن أمره إيانا بالاستدلال بهذه الأجسام وما خلق الله تعالى من شئ، لم يحدث في هذه الأشياء دلائل لم تكن، وأن هذه الدلائل كانت موجودة فيها قبل أمره إيانا بالنظر فيها والاستدلال بها، فعلمنا: أن الله تعالى حين خلقها فقد أراد من العقلاء الاستدلال بها.
وقد ذم الله تعالى التقليد في غير موضع من كتابه، وجاءت الأنبياء تدعوا إلى ترك التقليد، وإلى النظر في الحجج والدلائل، قال الله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله، إن يتبعون إلا الظن وإن هم ألا يخرصون) (3) فحكم بضلال أكثر الناس إذا لم يرجعوا في مذاهبهم إلى حجة تصححها. وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (4) وقال تعالى: (وأن (5) تقولوا على الله ما لا تعلمون) (6) وهذه منزلة المقلد.
وذم من احتج بالتقليد فقال تعالى: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) (7) وقال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) (8) وجعل الله تاركي النظر بمنزلة البهائم، وبمنزلة الصم والبكم. فقال تعالى: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل) (9) وقال تعالى: (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) (10) لما أعرضوا عن النظر في الدلائل، وصيروا أنفسهم، بمنزلة من ليس في وسعه ذلك، مثل البهيمة، ومن لم يسمع