على صحته، وأنه مع ذلك جائز أن يكون الراوي له غالطا، ويكون حكمه مع ذلك ثابتا من طريق الإجماع لا (1) من طريق الخبر.
قيل له: لا يجب ذلك، من قبل أنه معلوم في عامة الأخبار التي وصفها ما ذكرنا، أن فقهاء السلف ومن بعدهم: إنما صاروا إلى حكمها حين سمعوا وبلغهم أمرها، وأنهم كانوا يحتجون بها، ويجيزون عن أنفسهم إنهم سلموا لها واتبعوها، فقول القائل: إنهم أجمعوا من غير جهة الخبر الذي وصفنا أمره، مع ما اتصل بنا من تسليمهم، فحكمه خطأ خطأ، لا معنى له.
قال أبو بكر رحمه الله: فهذه جملة كافية إن شاء الله في بيان أخبار الآحاد الموجبة للعلم بما يصحبها من الدلائل، وقد قلنا قبل ذلك: إن أخبار الآحاد على ضربين:
أحدهما: يتعلق به الأحكام.
والآخر: لا يتعلق به الأحكام. وأن ما يتعلق به الحكم منها على ضربين:
أحدهما: يوجب العلم والعمل.
والآخر: يوجب العمل دون العلم.
وقد بينا ما يوجب العلم منها.
فأما الذي يوجب العمل دون العلم فعلى ثلاثة أقسام:
فقسم منها: الشهادات.
والقسم الآخر: أخبار الديانات الواردة في الأمور الخاصة، على الأوصاف التي نذكرها.
والقسم الثالث: أخبار المعاملات.
فأما الشهادات فعلى ثلاثة منازل.
أحدها: الشهادات على ما تسقطه الشبهة، وهو: الحدود، والقصاص. فلا يقبل منها: إلا أربعة رجال في الزنا، ورجلان في سائر الحدود والقصاص، ولا مدخل لشهادة النساء في ذلك.
والثاني: الشهادة على ما لا تسقطه الشبهة من حقوق الناس، وعلى هلال شوال، وذي الحجة - إذا كان بالسماء علة، ولا يقبل في شئ منها إلا رجل وامرأتان.