وقال البراء بن عازب رضي الله عنه (ما كل ما نحدث به سمعناه من النبي عليه السلام، ولكنا سمعناه، وحدثنا أصحابنا، ولكنا لا نكذب). (1) وكذلك النعمان ابن بشير يقال: إنه لا يعرف له ما يحكيه سماعا من النبي عليه السلام، إلا الحديث الذي فيه (إن في البدن مضغة، إذا صلحت صلح البدن، وإذا فسدت فسد البدن، ألا وهي القلب). (2) وكذلك عامة الصحابة لم يكونوا يفرقون بين (3) المسند والمرسل، فدل ذلك على اتفاقهم جميعا: أنه لا فرقة بينهما في لزوم قبولهما، والعمل بهما.
ووجه آخر: وهو أنه لما ثبت عن الصحابة والتابعين إرسال الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذف تسمية من بينهم وبينه، لم يخلو في ذلك من إحدى منزلتين:
إما أن يكون عندهم: أن المسند والمرسل واحد، لا فرق بينهما، فيما يتعلق بهما من الحكم، وهو الذي نقوله. بل كان عند بعضهم: أنه إذا أرسله فقد أكده بإرساله، وقطع به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الحسن، وإبراهيم.
وإما (4) أن يكونوا أرسلوه، لأن الذي حذفوا اسمه لم يكن بينا، ولا مقبول الرواية، أو كان بينا مقبول الرواية عندهم، وإن لم يجز عندهم قبول المرسل، وغير جائز أن نظن منهم أنهم حملوه عن غير الثقات، ثم أرسلوه، وحذفوا اسم من بينهم وبين النبي عليه السلام، لوجوه:
- أحدها: أن في قولهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إثباتا منهم لذلك الحكم، وقطع به على