رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يرويه غير الثقة لا يجوز القطع به على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- والثاني: أن من حمل عن غير ثقة ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس بأهل لقبول خبره، وإن أسنده.
- والثالث: أنه كان معلوما عندهم: أن عظم من سمع منهم لا يفرقون بين المرسل والمسند، فغير جائز لهم أن يحملوه عن غير ثقة، ثم يكتمونه، ويحذفون اسمه، فيعتبر بهم السامع، ويعتقد ثبوته، وصحته، فبطل هذا القسم.
وغير جائز أيضا: أن يكونوا حملوه عن ثقة ثم أرسلوه، وعندهم: أن المرسل غير مقبول، لأنهم لو فعلوا ذلك لكانوا قد كتموا موضع الحجة.
ومن كان كذلك لم يكن موضعا لحمل العلم عنه، ولا موثوقا بروايته، فلما بطل هذان القسمان، صح الوجه الثالث، وهو: أنهم كانوا يرسلونه على وجه القطع والتأكيد له على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأيضا: فإنا وجدنا عامة الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين رحمهم الله، يسمعون الأخبار المرسلة فيصيرون (1) إليها، ويتركون آراءهم لها، وذلك مشهور عنهم، ولو ذكرناهم لطال بهم الكتاب، كما وجدناهم يقبلون المتصل، فمن حيث كانوا حجة في قبول المتصل فهم حجة في قبول المرسل.
فإن قيل: أما الصحابة فإن ظاهر أمرهم بالسماع من النبي عليه السلام، حتى يثبت غيره، وكذلك سبيل كل من روى عمن لقيه وظاهر أمره: سمعه. وإن لم يقل: حدثني.
فلا يكون في مثل الآخر. (2) ولأن الصحابي إنما يروى عن صحابي مثله. والصحابة كلهم مقبولو الرواية.
قيل له: قد كانوا يجيزون: أنهم لم يسمعوه من النبي عليه السلام، وأن بينهم وبينه رجلا، فلا يفرقون بينه وبين ما أسندوه لهم