الصلاة أم نسيت) حتى سأل أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال: أحقا ما يقول ذو اليدين؟
فقالا: نعم. فحينئذ أتم الصلاة.) وكان أبو الحسن بقول: إن ترك النكير لا يدل على الوفاق (فيما كان طريقه اجتهاد الرأي، لأن ما كان طريقه الاجتهاد) (1) فغير جائز لأحد إظهار النكير على من قال بخلاف قوله، فليس إذن في سكوت القوم وتركهم النكير على القائلين في الحادثة دلالة على الموافقة.
قال أبو بكر: ولسنا نقول: إن ترك النكير على الانفراد يدل على الموافقة، لأن ترك النكير قد يجوز أن يجامعه إظهار الخلاف، وعامة مسائل الاجتهاد هذا سبيلها، وإنما نقول:
إن تركهم لإظهار المخالفة مع انتشار القول واستمرار الأيام قد يدل على الوفاق.
فأما قصة ذي اليدين: فإن القوم وإن تركوا مخالفته ولم يظهروا النكير عليه، فغير جائز عندنا أن يستدل به في الموضع الذي نحن فيه من الكلام على الإجماع، ولعل عيسى إنما أراد: أن ترك النكير على الوجه الذي كانت عليه قصة ذي اليدين لا يدل على الموافقة، وإنما قلنا: إن قصة ذي اليدين لا تعترض على ما قلنا في الإجماع، من قبل: أن ذا اليدين لما قال هذا القول، قال النبي صلى الله عليه وسلم عقيبة قبل أن يظهر من القول خلاف عليه أو وفاق له:
(أحق ما يقول ذو اليدين)، لأن الكلام كان مباحا في الصلاة حينئذ، فلم يكن هناك شئ يمنع من الاستفهام، وقد كان له صلى الله عليه وسلم أن يعتبر حال القوم، هل هم تاركون للنكير عليه أم لا؟ فيستدل بتركهم الخلاف عليه، على صحة خبره، ولكنه اختار الاستفهام بالقول، وقد قلنا قبل ذلك: إن ترك إظهار الخلاف إنما يكون دلالة على الموافقة إذا انتشر القول، وظهر، ومرت عليه أوقات يعلم في مجرى العادة بأنه لو كان هناك مخالف لأظهر الخلاف، ولم ينكر على غيره مقالته. (2) إذ كان قد استوعب مدة (3) النظر والفكر.
وأما ما حكيناه عن أبي الحسن: من أنه غير جائز له الإنكار فيما طريقه الاجتهاد فهو صحيح. ولم نجعل نحن ترك النكير حجة في الإجماع دون ترك إظهار الخلاف، بعد ما مضى