باب القول في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل كان يسن (من) (1) طريق الاجتهاد؟
قال أبو بكر رحمه الله: اختلف الناس في ذلك: - فقال قائلون: لم يكن النبي (2) صلى الله عليه وسلم بحكم (3) في شئ من أمر الدين إلا من طريق الوحي، لقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى). (4) وقال آخرون: جايز أن يكون النبي عليه السلام قد جعل له (أن يقول) (5) من طريق الاجتهاد فيما لا نص فيه.
وقال آخرون: جايز أن يكون بعض سنته وحيا، وبعضها إلهاما، وشئ يلقي في روعه، كما (قال صلى الله عليه وسلم) (6): (إن الروح الأمين نفث في روعي: أن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب). (7) ويجوز أن يكون بعض ما يقوله نظرا (8) واستدلالا، وترد الحوادث التي لا نص فيها إلى نظائرها من النصوص باجتهاد الرأي.
قال أبو بكر رحمه الله: وهذا هو الصحيح عندنا. (9)