ثلاثة، وأكثره عشرة، وعلى أن المتعارف منه ست، أو سبع، كما قال عليه السلام لحمنة بنت جحش: (تحيضي في علم الله ستا أو سبعا، كما تحيض النساء في كل شهر) وهذا المعتاد منه قد ورد ثبوته وكونه حيضا بالنقل المتواتر، واتفقت الأمة: على أن مثله يكون حيضا، وكذلك الثلاثة، والعشرة، متفق على: أنها حيض، فما زاد على ذلك أو نقص فخارج عن العادة، فجائز أن لا يرد النقل بنفيه أو إيجابه من جهة الاستفاضة.
فإن قيل: قد اختلف في التلبية عن النبي عليه السلام بعد الوقوف بعرفة مع كثرة الجمع هناك.
قيل لم يختلف فيه، ولم يرو أحد: أنه لم يلب بعد الوقوف، وروى جماعة: أنه كان يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وفعل التلبية هي في هذه الحال ليس بواجب، وإنما هو فضيلة وقربة، وليس على النبي عليه السلام توقيف الأمة عليه، لأنه كان جائزا له تركها رأسا، فلما لم يرد فعلها بعد الوقوف، من جهة نقل الكافة لأنه لم يكن بد منها في تلك الحال، وإنما كان يلبي في الوقت بعد الوقت، فلم يكن يسمعها إلا من قرب منه: مثل الفضل بن عباس، فإنه كان رديفه، ومثل ابن مسعود، فإنه كان يقرب منه.
ومن المخالفين من يعترض على هذا الأصل بقولنا في وجوب الوتر، ووجوب المضمضة، والاستنشاق في الجناية، ووجوب تحريمه الصلاة، ونحوها، مع عموم البلوى بها، وليس هذا مما ذكرنا في شئ، لأن هذه الأشياء مما قد ورد به النقل المتواتر عن النبي عليه السلام، ولم يختلف الناس: في أن النبي عليه السلام قد فعله، وإنما اختلفوا في وجوبه، ولسنا ننكر أن مذهب بعض عن جهة الوجوب فيما قد صح نقله مصروفة إلى الندب بتأويل، وإنما كان كلامنا في نقل ما عمت الحاجة إليه من هذه الأمور.
فإن قال قائل: ما أنكرت أن لا اعتبار بما ذكرت من وجوب استفاضة النقل فيما عمت الحاجة إليه، لأنه جائز للنبي عليه السلام: أن يخص أهل العلم والإتقان بإعلام ما عمت به البلوى، حتى يؤديه إلى الكافة.
قيل له في هذا جوابان:
أحدهما: أنا لو سلمنا لك ما ذكرت كان مؤديا لما ذكرنا، لأنه إذا أودع ذلك عامة أهل الفقه والدراية من أصحابه، فإنما يودعهم إياه لينقلوه إلى الكافة، وإلى من بعدهم، وتنقله الكافة أيضا عملا، فيتصل للنقلة ويستفيض، فقضيتنا بما وصفنا من وجوب ورود النقل المتواتر صحيحة فيما كان وصفه ما ذكرنا.
والجواب الثاني: أن النبي عليه السلام لما كان مبعوثا إلى الكافة وقد علم أن حاجة