الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو قال هذي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن من الناس من يأبى أن يوجب بمثله حكما، حتى يحكى لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينه، لأنه جائز أن يكون سمع لفظا يحتمل المعاني، فتأوله على المعنى عنده، ونحن فلا يلزمنا تأويله، لا سيما وقد عرفنا من مذهب بعض علماء السلف نقل المعنى دون اللفظ.
وقال آخرون: حكم ما هذا سبيله من الألفاظ ثابت فيما يتناوله من أمر ونهي، وليس لأحد العدول عنه لأجل ما ذكر، لأن الراوي إذا كان من أهل اللسان وممن يوثق بضبطه ومعرفته فهو يعرف ما يحتمل التأويل من الألفاظ، مما لا يحتمله.
فلو كان مصدر هذا القول عنده عن لفظ يحتمل التأويل لبين (1) حكاية اللفظ بعينه، فلما اقتصر على إجمال ذكر الأمر والنهي علمنا: أن ذلك اللفظ عنده لم يغير ما حكيناه.
ولو ساغ الاعتبار الذي ذكره قائل القول الأول - لوجب أن لا يحكم به إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيت وكيت)، لأن من العلماء من يروي نقل المعنى دون اللفظ.
منهم: الحسن، والشعبي، (2) وغيرهما.
ومنهم: من يرى نقل اللفظ بعينه، فيجوز على موضوع هذا القائل أن يقال: إن هذا إنما حكى معنى ما سمعه من النبي عليه السلام، لا لفظه بعينه، لأن عيسى بن أبان رحمه الله كان ممن يرى المعنى دون اللفظ، فلما أبطل (3) ذلك. وكان قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كذا، محمولا على حكاية لفظ وحقيقة معناه، وجب أن يحمل قوله: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا: ونهانا عن كذا، وسن لنا كذا، على حقيقة الأمر والنهي) كأنه قول من النبي عليه السلام بعينه.
وقد كانت الصحابة رضوان الله عليهم تكتفي في رواية بعضهم لبعض سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحكامه، وسماع بعضهم من بعض بسماع هذا اللفظ، فيما يزيد معرفة من