باب القول في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رحمه الله: أفعال النبي عليه السلام الواقعة على قصد منه يقتسمها وجوه ثلاثة.
واجب، وندب، ومباح، إلا ما قامت الدلالة على أنه من الصغائر المعفوة. (1) فإن (2) ظهر منه فعل ليس في ظاهره دلالة على وقوعه منه، على أحد الوجوه الثلاثة التي ذكرنا، فقد اختلف الناس فيما يتعلق علينا من حكمها.
فقال قائلون: واجب علينا أن نفعل مثله، حتى تقوم الدلالة على أنه غير واجب.
وقال آخرون: ليس منها شئ واجب علينا فعله، حتى تقوم الدلالة على وجوبه، ولنا فعله على وجه الإباحة، إذ كان ذلك أدنى منازل أفعاله صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: نقف فيه، ولا نفعله، لا على وجه الإباحة، ولا غيرها، حتى تقوم الدلالة على شئ من ذلك.
واختلفوا أيضا إذا (3) علم وقوعه على شئ من هذه الوجه الثلاثة: من الإباحة، والندب والإيجاب.
فقال قائلون: علينا اتباعه فيه، وإيقاعه على الوجه الذي أوقعه عليه.
وقال آخرون: ليس علينا فعله، حتى تقوم الدلالة عليه، وكان أبو الحسن الكرخي رحمه الله يقول: ظاهر فعله عليه السلام لا يلزمنا به شئ، حتى تقوم الدلالة على لزومه لنا، ولا أحفظ عنه الجواب أيضا، إذا علم وقوعه على أحد الوجوه التي ذكرناها، والذي يغلب على ظني من مذهبه، أنه علينا اتباعه فيه، على الوجه الذي أوقعه عليه، فهذا هو الصحيح عندنا. (4)