باب القول في اختلاف الرواية في زيادات ألفاظ الحديث كان أبو الحسن الكرخي رحمه الله: يذهب إلى أن راوي الحديث إذا كان واحدا، ثم اختلف الرواة عنه في زيادة ألفاظه ونقصانها: أن الأصل هو ما رواه الذي ساقه بزيادة، وأن النقصان إنما هو إغفال من بعض الرواة، وذلك نحو ما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي عليه السلام أنه قال: (إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة بعينها، فالقول ما قال البائع، أو يترادان) ومن الناس من يروي هذا الخبر فلا يذكر فيه حال قيام السلعة بعينها. فالأصل فيه هو الأول، وحذف قيام السلعة إغفال من بعض رواته.
وإنما كان ذلك كذلك: من قبل أنه لما كان راوي الخبر واحدا، لم يثبت عندنا: أن النبي عليه السلام قال ذلك مرتين. ذكر في إحداهما حال قيام السلعة، ولم يذكرها في الأخرى فلم (1) يجز لنا إثبات ذلك، لأن فيه إثبات خبر الشك من غير رواية.
وأما إذا روي الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين، أو ثلاثة، أو أكثر، فكان في ظاهر الحال دلالة: على أن النبي عليه السلام قد قال ذلك في أوقات مختلفة، وفي بعض ألفاظ الرواة زيادة. فالزيادة مقبولة، والخبر المطلق أيضا محمول على إطلاقه، وذلك نحو ما روى عمر رضي الله عنه، قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاع تمر، أو صاع شعير، على كل حر وعبد من المسلمين) (2) فزاد في لفظ الحديث ذكر المسلمين. (3)