وأيضا: لما خلق الجن والإنس لعبادته لم يخل من أن يكون فيهم من عبد.
ووزان هذا من أمر الأمة (أن يكون) (1) فيهم عدول تجوز شهادتهم.
دليل آخر: وهو قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع، غير سبيل المؤمنين). (2) الآية فقد أوجب به اتباع سبيل المؤمنين، وحظر مخالفتهم، فدل على صحة إجماعهم، لأنهم لا يخلون من أن يكون فيهم مؤمنون، لقوله تعالى: (هو سماكم المسلمين من قبل) (وفي هذا) (3) (4) ولو جاز عليهم الخطأ لكان المأمور باتباعهم مأمورا باتباع الخطأ، وما أمر الله باتباعه لا يكون إلا حقا وصوابا، ثم أكد بإلحاقه بتارك (5) اتباعهم.
فإن قيل: إنما الحق الذم بتارك سبيل المؤمنين إذا شاق الرسول مع ذلك (لأنه تعالى قال) (6) (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين) فاستحق الذم بالأمرين (7) فما الدليل على أنه يستحقه بترك اتباع سبيل المؤمنين وحده، دون مشاقة الرسول؟.
قيل له: لولا أن ترك اتباع سبيل المؤمنين فعل مذموم - لما قرنه إلى مشاقة الرسول، فلما قرنه إلى مشاقة الرسول وألحق الذم بفاعله - دل على صحة ما ذكرنا من وجهين:
أحدهما: أنه لولا أنه فعل مذموم على الانفراد لما جمعه إلى مشاقة الرسول عليه السلام.
والثاني: أنه ذمه على الفعلين جميعا، ولولا (8) أن ترك اتباع سبيل المؤمنين معنى يستحق عليه الذم لما استحق الذم (9) إذا شاق الرسول معه. ألا ترى أن قوله تعالى