ونقض به قضاء كان قضى به، فلو لم يكن في خبر المغيرة علة ليس في خبر بلال مثلها لأجراهما مجرى واحدا.
وأما رد عمر لخبر أبي موسى الأشعري في الاستئذان - فإن وجهه: أن ذلك مما بالناس إلى معرفته حاجة عامة، لعموم البلوي به فاستنكر وروده من طريق الآحاد، وهذا عندنا إحدى العلل التي يرد بها أخبار الآحاد على نحو ما ذكرنا في رواية الهلال، وخبر من أخبر عن فتنة وقعت في الجامع، أو في عرفات، قتل فيها خلق، فلا يخبر أحد بمثل خبره فنستدل بذلك على بطلانه.
وأما رد عمر لخبر المغيرة في الجد حتى شهد معه محمد (ابن) (1) مسلمة، فإنه إن ثبت الخبر على هذا الوجه - كان وجهه بعض ما ذكر في تثبت أبي بكر في خبر المغيرة، في ميراث الجدة.
على (أن) (2) ما روى عن محمد بن مسلمة (3) والمغيرة: أن يأتي بمن يشهد معه في خبر حكم الجنين مضطرب، وإنما يرويه عروة بن الزبير وهو لم يشهد هذه القصة، ولا كان موجودا في ذلك الوقت، والذي يدل على اضطرابه أنه مشهور عن عمر أنه قال (ذكر الله أمرا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين شيئا، فقام إليه حمل بن مالك فقال: كنت بين جارتين لي فضربت إحداهما بطن الأخرى بمسطح، فألقت جنينا ميتا، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة. فقال عمر: (كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا).
وفي بعض الأخبار لو لم نسمع هذا - لقضينا فيه بغير هذا.
فإن كان الصحيح خبر حمل بن مالك وقد قبله عمر وعمل به - فالخبر الذي فيه: أنه سأل المغيرة، من يشهد معه في ذلك غير صحيح، وإن كان خبر المغيرة ومحمد بن مسلمة مقدما لخبر حمل ابن مالك، وقد ثبت ذلك عنده، فكيف سأل الناس بعد ذلك عن قضية النبي عليه السلام في الخبر، مع تقدم سماعه لحكمه، وثبوته عنده بخبر اثنين؟ فهذا يدل على فساد الخبر الذي ذكر فيه سؤال عن المغيرة من يشهد معه. (4)