باب القول في وقت انعقاد الإجماع اختلف (العلماء) (1) في وقت انعقاد الإجماع.
فقال قائلون: إذا أجمع أهل عصر على قول لم يثبت إجماع ما داموا باقين، حتى ينقرض أهل العصر، من غير خلاف يظهر ممن يعتد بخلافه.
وقال آخرون: إذا أجمعوا على شئ فقد صح الإجماع وثبتت حجته، ولا يجوز بعد ذلك لأحد من أهل العصر ولا من أهل عصر ثان مخالفتهم. انقرض أهل العصر، أو لم ينقرضوا. (2) قال أبو بكر: وهذا القول هو الصحيح عندنا، وكذا كان يقول أبو الحسن من قبل: إن الآيات الموجبة لحجة الإجماع قد أوجبت الحكم بصحة إجماعهم، من غير تخصيص وقت من وقت، ولا حال من حال. فثبت حجة إجماعهم في سائر الأوقات، بمقتضى الآي الدالة على حجة الإجماع، ولو لم ينعقد الإجماع قبل انقراض العصر - لوجب أن لا ينعقد إجماع أبدا، لأن الصدر الأول إذا أجمعوا ثم لا يعتد بإجماعهم ما داموا أحياء فجائز أن يلحق بهم من التابعين قبل انقراضهم من يسوغ له القول معهم، والخلاف عليهم، فيكون بمنزلة واحد منهم في جواز الاعتراض بخلافه، كما كان سعيد بن المسيب وشريح (3) وإبراهيم