ما يستدل به على قبول خبر الاثنين مما يرويه عن الصحابة، لأنه يقال له: جائز أن يكونوا جماعة تواتر الخبر عندهم بها، فلذلك حكموا به، فأما قوله: إن ابن عباس قد أخبره مع أم سلمة، فإن ابن عباس لم يروه له عن النبي عليه السلام، وإنما أفتى به.
قال أبو بكر رحمه الله: وذكر أخبارا أخر استدل بها مثبتو خبر الواحد بتناولها على نحو من هذا التأويل، وقد تقدم منا القول في إفساده بما فيه كفاية، فأغنى عن إعادته وتكراره.
ثم استدل على قبول خبر الاثنين، ونفى خبر الواحد بقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (1) قال: ونزل ذلك في شأن الوليد بن عقبة، (2) حين بعثه النبي عليه السلام مصدقا. على أنه عنده ثقة عدل، فجاء وادعى: أنهم أرادوا قتله، فنهى الله تعالى عن قبول قول الوليد. (3) فإن لم نعلم فسقه وجعله فاسقا بإخباره بالكذب - فوجب أن لا يقبل قول الواحد، وإن كان عدلا منه الظاهر، لأنا لا ندري لعله فسق في إخباره، كما فسق الوليد.
قال أبو بكر: وهذا لا دلالة فيه على ما ذكر، بل فيه الدلالة على قبول خبر الواحد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين استعمله على أنه ثقة عنده، فقد جعله بمحل من يقبل خبره وحده. (4) فالنبي عليه السلام قد استعمله في بيان ما يجب عليهم من الصدقات، ومقاديرها، وما يجري مجرى ذلك. ولولا أنه قد كان مقبول القول لما استعمله. ثم لما حكم الله تعالى بفسقه حين أخبر بخبر كذب، أمر بالتثبت في قبول خبره. فكيف يجوز الاستدلال به على نفي قبول خبر العدل.
فإن قال قائل: فإنا لا نعلم لعله قد فسق في قوله.
قيل له: فهذه العلة تمنع قبول خبر الاثنين، لأنا لا ندري لعلهما قد فسقا، وتمنع في