تقتضي إيجاب العلم بصحته، ولو جاز ذلك لما أمنا أن يكون ببغداد من قد نشأ فيها، وأتى عليه خمسون سنة، وهو لا يعلم أن في الدنيا مكة، والمدينة، والشام، ومصر، لأنه لم يقارن ما سمعه من الأخبار عن هذه المواضيع أسباب توجب له العلم بصحة ذلك، وهذا فاسد قد علم بطلانه ضرورة، فثبت بذلك أن الجماعة التي وصفنا حالها إنما يقع العم عند خبرها بجريان العادة بأن مثلها لا يجوز وجود الإخبار منها على أمر شاهدته (1) وعرفته ضرورة، ثم لا يقع لسماعه ضرورة العلم بخبرها.
وجريان (2) العادة أيضا بأن الواحد لا يوجب ضرورة العلم بخبره (3) بحال، فكان أمر الخبرين جميعا محمولا على ما جرت العادة به، و عرف بامتحان أحوال الأخبار والمخبرين.
وأما اعتبار الاثني عشر، والعشرين، والسبعين، فشئ لا دلالة عليه، ويجوز أن يعارض قول كل واحد منهم بقول الآخر، ويجوز لغيرهم أيضا أن يعتبر عدد أقل من جميع ذلك، أو أكثر فلا يمكن قائلي هذه الأقوال الانفصال منه، إذ ليس في اقتصاره بالبقاء به على الاثني عشر، وأمر العشرين بالجهاد، واختيار السبعين (4) لحضورهم مع موسى ما يوجب تعلقه بالأخبار، إذ ليس هناك خبر أمروا بنقله دون من أقل منهم عددا، وقد يلزم الجهاد (5) الواحد والاثنين، وجاز كون (6) النقيب واحدا لجماعة كثيرة.