باب القول في إجماع أهل المدينة (زعم قوم) (1) من المتأخرين: أن إجماع أهل المدينة لا يسوغ لأهل سائر الأعصار مخالفتهم فيما أجمعوا عليه، وقال سائر الفقهاء: أهل المدينة وسائر الناس غيرهم في ذلك سواء، وليس لأهل المدينة مزية عليهم في لزوم اتباعهم. (2) والدليل على صحة هذا القول: أن جميع الآي الدالة على صحة حجة الإجماع ليس فيها تخصيص أهل المدينة بها من غيرهم، لأن قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) (3) خطاب لسائر الأمة لا يختص بهذا الاسم أهل المدينة دون غيرهم.
وكذلك قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) (4) وقوله: (ويتبع غير سبيل المؤمنين) (5) وقوله تعالى: (واتبع سبيل من أناب إلى) (6) قد عمت هذه الآيات سائر الأمم فغير جائز لأحد أن يختص (بها) (7) على أهل المدينة دون غيرهم.