باب في وقوع الاتفاق (على التسوية) (1) بين شيئين في الحكم قال أصحابنا: إذا (أجمع) (2) أهل عصر على التسوية بين حكم شيئين، فليس لأحد أن يخالف بين حكمهما من ذلك الوجه.
وقد ذكره عيسى فقال: أجمع الناس على أن حكم العمة والخالة واحد في وجوب توريثهما، أو حرمانهما، وأنه لا فرق بينهما من هذا الوجه. وكذلك الخال والخالة، فمن ورث الخال ورث الخالة، وكذلك من ورث العمة ورث الخالة، ومن لم يورث أحدهما وجعل الميراث لبيت المال، لم يورث الآخر.
والدليل عل صحة هذا القول: وقوع الاتفاق من الجميع على تساويهما في هذا الوجه، فمن فرق بينهما فقد خالف إجماع الجميع، ولو ساغ هذا لساغ الخروج عن اختلافهم جميعا.
فإن قال قائل: إنما لم يجز الخروج عن اختلافهم لإجماعهم: على أن لا قول في المسألة إلا ما قالوا، فلم يكن لأحد إحداث مذهب غير مذاهبهم.
قيل له: فإنما صح ذلك من حيث صح القول بلزوم إجماعهم، وأن الحق لا يخرج عنهم ولا يعدوهم، فواجب أن يقول مثله في مسألتنا لهذه العلة بعينها، لحصول إجماعهم على التسوية، (3) فلا يجوز خلافهم.