باب القول في قبول شرائط أخبار الآحاد قال أبو بكر رحمه الله: قد ثبت بما قدمنا وجوب العمل بأخبار الآحاد في الجملة بما ذكرنا من الطرق الموجبة للعلم بصحة القول بها، ووجوب العمل بها على حسب ما تقدم من وجوه الحجاج لها، ومع ذلك فإنا متى عينا القول في قبول خبر بعينه من أخبار الآحاد، كان طريق إثباته والعمل بموجبه الاجتهاد، كما نقول في الشهادات: إن ثبوتها في الجملة بنص الكتاب.
ومتى عينا القول في شهادة شهود بأعيانهم، كان طريق إثبات شهادتهم والعمل بها الاجتهاد، وغلبة الظن، لا حقيقة العلم. فمتى غلب على الظن عدالتهم وضبطهم لما تحملوا، وإتقانهم لما أوجب قبولها منهم. ومتى غلب في ظننا غير ذلك من أمرهم وجب ردها، ولم يجز لنا قبولها، وكذلك أخبار الآحاد، يجوز ردها لعلل، إذا كان طريق قبولها من قوم بأعيانهم الاجتهاد وغالب الظن، على جهة حسن الظن بالرواة. فمن العلل التي يردها أخبار الآحاد عند أصحابنا: ما قاله عيسى بن أبان: ذكر أن خبر الواحد يرد لمعارضة السنة الثابتة إياه. أو أن يتعلق القرآن بخلافه فيما لا يحتمل المعاني. أو يكون من الأمور العامة، فيجيئ خبر خاص لا تعرفه العامة. أو يكون شاذا قد رواه الناس، وعملوا بخلافه. (1)