باب القول في راوي الخبر كيف سبيله أن يؤديه قال أبو بكر رحمه الله: قد حكينا عن الحسن والشعبي: أنهما كانا يحدثان بالمعاني، وكان غيرهم - منهم ابن سيرين - يحدث باللفظ.
والأحوط عندنا إذا اللفظ وسياقه على وجهه، دون الاقتصار (1) على المعنى، سواء كان اللفظ مما يحتمل التأويل أو لا يحتمله.
إلا أن يكون الراوي مثل: الحسن، والشعبي، في إتقانهما للمعاني والعبارات التي هي وفقها غير فاضلة عنها، ولا مقصرة. وهذا عندنا إنما كان يفعلانه (2) في اللفظ الذي يحتمل التأويل، ويكون للمعنى عبارات مختلفة، فيعبران تارة بعبارة، وتارة بغيرها.
فأما ما لا يحتمل التأويل من الألفاظ فإنا لا نظن بهما: أنهما كانا يغيرانه إلى لفظ غيره، مع احتماله لمعنى غير معنى لفظ الأصل، وأكثر فساد أخبار الآحاد وتناقضها واستحالتها إنما جاء من هذا الوجه، وذلك لأنه قد كان منهم من يسمع اللفظ المحتمل للمعاني، فيعبر هو بلفظ غيره، ولا يحتمل إلا معنى واحدا، على أنه هو المعنى عنده فيفسد.
والدليل على صحة ما ذكرنا من وجوب نقل اللفظ بعينه قوله صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها كما سمعها. فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
فأمر عليه السلام بنقل اللفظ بعينه ليعتبره الفقهاء، ويحملوه على الوجوه التي يصح حمله عليها. (3)