باب القول في خلاف الأقل على الأكثر إذا اختلف الأمة على قولين، وكل فرقة من الكثرة في حد ينعقد بمثلها الإجماع لو لم يخالفها مثلها.
فإن من الناس من يعتبر إجماع الأكثر وهم الحشو. (1) قال أهل العلم: لا ينعقد بذلك إجماع، ووجب الرجوع إلى ما يوجبه الدليل. (2) والحجة لهذا القول: أن الحق يجوز أن يكون مع القليل، بعد أن يكونوا في حد متى أخبرت عن اعتقادها للحق، وظهرت عدالتها، وقع العلم باشتمال خبرها على صدق، على نحو ما ذكرنا فيما سلف.
والدليل على ذلك: ان الله تعالى قد أثنى على القليل، ومدحهم في مواضع من كتابه بقوله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور) (3) وقال تعالى: (وما آمن معه إلا قليل) (4) وقال تعالى: (فلو لا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم) (5) وقال تعالى: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، (6)