الفقهية: إنه لا يعتد بخلافه، وإن كان ذا حظ من المعرفة بالعلوم العقلية، (وكذلك كان يقول أبو الحسن، لأن علم الأصول العقلية) (1) لا يكتفي به في معرفة الأصول السمعية، فمن كان بالمنزلة التي وصفنا من فقد العلم بأصول السمع لم يعتد بخلافه، وإن كان ذا خط في علوم أخر، لأنه يكون في هذا الحال بمنزلة العامي الذي لا يعرف الأصول ورد الفروع إليها، فلا يكون من أجل ذلك خلافا.
واختلف أهل العلم في مقدار من يعتبر إجماعه، فقال قائلون: الاعتبار في ذلك بإجماع جماعة يمتنع في العادة أن يخبروا عن اعتقادهم، ولا يكون خيرهم فيما يخبرون مشتملا على صدق. فإذا اجتمعت جماعة هذه صفتها على قول من الوجه الذي بينا: أن الإجماع يثبت به، ثم خالف عليها العدد القليل الذي يجوز على مثلهم أن يظهروا اختلاف ما يعتقدون، ولا نعلم يقينا: أن خبرهم فيما يظهرونه من اعتقادهم مشتمل على صدق، لم يعتد بخلاف هؤلاء عليهم، إذا أظهرت الجماعة إنكار قولهم، ولم يسوغوا لهم خلافا، وإن سوغت الجماعة للنفر اليسير خلافها ولم ينكروه، لم يكن ما قالت به الجماعة إجماعا، وإن خالفت هذه الجماعة جماعة مثلها لا يجوز عليها في مجرى العادة أن يظهر لنا وصف اعتقادها إلا وهي مشتملة على صدق فيما أخبرت به، وإن لم يقطع على كل واحد في عينه: أنه صادق في قوله على حسب ما تقدم القول فيه في الأخبار، إن مثل جماعات من المسلمين إذا أخبرت عن اعتقادها للإسلام علمنا يقينا أن فيها مسلمين.
كما أن اليهود والروم إذا أخبروا عن اعتقادهم لليهودية والنصرانية، علمنا يقينا أن فيهم (2) من يعتقدها.
فاختلفت الجماعتان اللتان وصفهما ما ذكرنا في حكم حادثه، وأنكر بعضهم على بعض ما قالوا، (3) أو (4) لم ينكره، لم ينعقد بقول إحدى الجماعتين إجماع، إذا لم يكن يثبت ضلال أحد الفريقين عندنا، وهذا لا خلاف فيه.
وقال آخرون: إذا خالف على الجماعة التي وصفتم حالها العدد اليسير وإن كان