كنقلهم شريعة النبي عليه السلام.
وقد روى عن النبي عليه السلام: أنه (رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فقال: ما هذه فقال: التوراة، فغضب عليه السلام وقال: ((أتهوكون كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لو كان موسى عليه السلام حيا لما وسعه إلا أن يتبعني) (1) فهذا يدل:
على أن تلك الشريعة لم تكن لازمة لنا، لولا ذلك لما نهاه عن النظر فيها وعن تعلمها.
فإن قيل: إنما نهاه عن ذلك لأن اليهود قد بدلت وغيرت، فلم يأمن أن نتبع منها ما قد بدلوه.
قيل له: لو كان هذا مراده لقاله له، فلما عدل عن ذكر ذلك إلى قوله: (لو كان حيا لما وسعه إلا أن يتبعني)، دل ذلك: على أن شريعة موسى عليه السلام لم تكن قائمة ثابتة الحكم في ذلك الوقت، لأنها لو كانت باقية ثابتة لما كان ممنوعا من البقاء عليها، ما لم يبق عليها، فهذا الوجه يفسد بما ذكرناه.
وبقى الكلام في المقالتين الآخرتين اللتين ذكرنا.
فنقول: إن الصحيح أن تلك الشرائع التي لم تنسخ قبل نبينا صارت شريعة لنبينا عليه السلام، فلزم الناس حينئذ حكمها، من حيث صارت شريعة للنبي عليه السلام، لا من حيث كانت شريعة لمن كان قبله.
والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) (2) إلى قوله تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (3) وذلك بعد ذكر الأنبياء عليهم السلام وبقوله تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) (4) وقوله: (وما جعل