وذكر بعضهم: أنه احتج لخبر الواحد بقوله تعالى: (ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) (1) قال والآذن هو الذي يقبل ما يقال له، فمدحه الله على ذلك، فدل على قبول خبر الواحد في أمر الدين.
قال: والدليل على أنه أراد قوله في أمر الدين وما يتعلق به، أنه قال: (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين).
قال أبو بكر: وليس فيما حكينا عنهم شئ أوهى من هذا، وذلك لأنه لا يخلو من أن يكون المراد به كان من قبل أخبار الديانات من غيره، أو أخبار المعاملات، أو الشهادات، في إثبات الحقوق. ومعلوم أن النبي عليه السلام لم يكن يأخذ شيئا من أحكام الدين عن أحد:
من الناس، بل كان على الناس كلهم اتباعه، والأخذ عنه، فبطل هذا القسم.
وليس يجوز أيضا: أن يكون المراد قبول الشهادات في إثبات الحقوق، لأن الشهادات موقوفة على أعداد معلومة، لا يجوز الاقتصار بها على ما دونه من الأعداد المنصوص عليها.
وعلى أنه ليس الخلاف بيننا وبينهم في الشهادات فلا معنى لذكرها هاهنا، فثبت أن المراد أخبار المعاملات ونحوها، والكلام بيننا وبينهم في قبول أخبار الآحاد في إثبات أحكام الشريعة، فأما قبول أخبار المعاملات فلا خلاف فيه، فإذا لا دلالة في هذه الآية على لزوم قبول خبر الواحد في إثبات أحكام الشريعة.
قال أبو بكر: وأما ما يدل على لزوم خبر الواحد من جهة السنة، فما روى عن النبي عليه السلام من الأخبار الموجبة لقبول خبر الواحد في الأحكام من وجوه مختلفة.
فمنها: قوله عليه السلام (نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها إلى من بسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه إلى من هو أفقه منه).
وقوله عليه السلام في حجة الإسلام: (ليبلغ الشاهد الغائب) (2) فلعل بعض من تبلغه أوعى له من بعض من سمعه.
وما روى عنه عليه السلام أنه (أمر أن ينادى في أيام التشريق: أنها أيام أكل وشرب