التي لا يبلغها (1) علمنا ومعرفتنا، فيكون قياسه أولى من قياسنا.
ومما (2) يحتج به أيضا: بهذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم (اقتدوا بالذين من بعدي) قد اقتضى ظاهر لزوم تقليدهما، إذا اتفقا على قول، إلا أنه قد قامت الدلالة: على أنهما إذا خالفهما غيرهما من الصحابة لم يلزم تقليدهما فخصصناه (3) من اللفظ، (4)، وبقى حكمه في لزوم تقليدهما (5) إذا أجمعا على قول لم يخالفهما فيه أحد (6) من نظرائهما، وإذا لزم تقليدهما عند اجتماعهما - لزم تقليد أحدهما، وأحد الصحابة إذا لم يعلم عن غيره خلافه، لأن أحدا لم يفرق بينهما.
ويدل أيضا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)، فظاهره يقتضى جواز الاقتداء بالواحد منهم، وأن الاقتداء به هدى، وإذا كان قوله محكوما له (7) بالهدى لم يجز العدول عنه إلى غيره.
وكان أبو الحسن يحتج في أن قول الصحابي ليس بحجة فيما يسوغ فيه الاجتهاد، (8) وللقياس مدخل في إثباته: أنه لو كان حجة، لما جاز لغيره من أهل عصره مخالفته، كما أن الكتاب والسنة لما كانا حجة يلزم اتباعهما لم يجز لأحد مخالفتهما.
فقيل له: بأن (9) إجماعهم حجة، ومع ذلك فجائز للواحد منهم مخالفة الجماعة مع كون إجماعهم حجة علينا. فما أنكرت أن لا يكون قول بعضهم على بعض حجة، ويكون قول الواحد منهم حجة علينا يلزمنا اتباعه إذا لم يخالفه غيره، فأجاب بأن خلاف الواحد منهم للجماعة يمنع انعقاد الإجماع.
قال: ونظير ما قلنا: أن يجمعوا على شئ ثم يشذ عنهم واحد منهم، فيخالفهم بعد