عليه السلام، كانت إذا حدثت لهن حوادث فيما خصهن من أمور النساء: أن الذي كان يسأل (1) النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك أزواجهن، ومن يقرب منهن، وأنهن كن يقتصرن فيها على أخبار من خبرهن من هؤلاء، ولم يكن النبي عليه السلام يكلفهن الحضور لذلك، فدل على لزوم العمل بأخبار الآحاد.
ويدل على ما ذكرناه من جهة النظر: اتفاق أهل العلم على لزوم العمل للمستفتي بما يخبر به المفتى، من حكم الحادثة، وعلى أن على المحكوم عليه التزام حكم الحاكم إذا حكم عليه بحكم، (2) وذكر أنه مذهبه، وقد ضمن ذلك من الأخبار عن اعتقاده، ومذهبه الحكم الذي أمضاه عليه، ومعلوم أنه لو كان اعتقاده بخلاف ما أظهر لما جاز حكمه، وقد قبل الجميع خبره عن اعتقاده، وذلك شئ من أمور الدين، فصار أصلا في قبول خبر الواحد فيما كان من أمر الدين، على الشرائط التي يجب قبوله عليها.
وإذا كان المستفتي يلزمه قبول قول المفتي، ويلزم المحكوم عليه حكم الحاكم إذا أخبرا (3) عن رأيهما واعتقادهما، فإذا أخبر حكم النبي عليه السلام فيه، فهو (4) أولى (من قبول) (5) خبر هما.
ألا ترى: أن المفتي إذا قال: إن هذا أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: كيت وكيت، لزم المستفتي قبوله والعمل به، فكذلك إذا قال ذلك لغير المستفتي لزم السامع حكمه، والعمل به.
فإن قال قائل: لو قال المستفتي للمفتي: إن هذا الحكم في القرآن، لزمه قبول قوله، وأنت لا تثبت القرآن بخبر الواحد، فدل على أن هذا ليس كما ذكرت.
قيل له: لا يثبت القرآن بخبر الواحد، لأن القرآن لا يثبت إلا بخبر يوجب العلم به، وأما الحكم: فإني أثبته، وكلامنا في الحكم لا في غيره.
فإن قال: إنما لزم المستفتي قبول خبر المفتى، لأن العامي لا سبيل له إلى معرفة