(حد) (1) فيموت منه فأديه (لأن الحق قتلة) (2) إلا حد الخمر فإنه شئ وضعناه بآرائنا). (3) فإن قيل: لا يجوز عندكم إثبات الحدود (4) بالقياسات، فإن كانت الصحابة قد اتفقت على إثبات حد الخمر قياسا فهذا إبطال لأصلكم في نفيكم إثبات الحدود قياسا.
قيل له: الذي نمنعه ونأباه من ذلك: هو أن نبتدئ إيجاب حد بقياس، في غير ما ورد فيه التوقيف، فأما استعمال الاجتهاد في شئ قد ورد فيه التوقيف، فيتحرى فيه معنى التوقيف، فهذا جائز عندنا، واستعمال اجتهاد السلف في حد الخمر من هذا القبيل، وذلك لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (قد) (5) ضرب في حد الخمر بالجريد والنعال، وروي: أنه (ضربه أربعون رجلا، كل رجل بنعله ضربتين) (6) وإنما تحروا في (7) اجتهادهم موافقة أمر النبي عليه السلام، فجعلوه ثمانين هذا الوجه، ونقلوا ضربه بالنعال والجريد إلى السوط، كما يجتهد الجلاد في الضرب، وكما يختار السوط الذي يصلح للجلد اجتهادا، فالاجتهاد من هذا الوجه شائع فيما وصفنا.
فإن قال قائل: لا يجوز وقوع الاجتهاد من جهة القياس، لأن الناس يختلفون في إثبات القياس، ولا جائز أن يكون ما أجمعوا (عليه) (8) هو ما اختلفوا فيه. (9) قيل له: أما الصحابة والتابعون ومن بعدهم من أتباعهم - فلا خلاف بينهم في إثبات القياس في أحكام الحوادث، وإنما أنكر إثبات القياس قوم من المتأخرين، من المتكلمين لا حظ لهم في علم الفقه، وأصول الأحكام، ولم يعرفوا قول السلف وإجماعهم عليه، لقلة علمهم بالآثار، وما كان عليه الصدر الأول، وطريقهم في استعمال الاجتهاد والفزع إلى