باب القول في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رحمة الله: سنة النبي عليه السلام: ما فعله، أو قاله، ليقتدى به فيه، ويداوم عليه. وهو مأخوذ من سنن الطريق، وهي جادته التي يكون المرور فيها. (1) وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهين: قول وفعل.
فأما القول: فقد تقدم ذكره في سائر ما قدمناه: من حكم الأقوال، والأوامر، والنواهي وغيرها.
والفعل ضربان: أحدهما: فعل يفعله في نفسه، ويدلنا على حكمه، على الوجوه التي ذكرنا، لنفعله على الوجه الذي فعله. (2) والثاني: تركه النكير على فاعل يراه يفعل فعلا على وجه، فيكون تركه النكير عليه بمنزلة القول منه، في تجويز فعله على ذلك الوجه، فإن رآه يفعله على جهة الوجوب فأقره عليه كان واجبا، وإن كان رآه يفعله على جهة الندب فأقره عليه كان ندبا، وكذلك الإباحة على هذا، وذلك لأنه لا يجوز منه أن يقر أحدا على خلاف حكم الله تعالى، لأن الله تعالى إنما بعثه داعيا إليه، وآمرا بالمعروف، وناهيا عن المنكر، فلو كان ما رآه (3) النبي صلى الله عليه وسلم من فعل من شاهده منكرا لأنكره، ووقفه (4) على ما يجوز منه، مما لا يجوز في تركه النكير على من وصفنا شأنه، دلالة على جواز إيقاعه على ذلك الوجه. (5) وقد دللنا على صحة ذلك فيما سلف من هذا الكتاب.