وأما خبر فاطمة بنت قيس فإنما رده عمر، لأنه كان عنده خلاف الكتاب، في إبطاله السكنى، وهو منصوص علينا في الكتاب في قوله تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم). (1) فلما كان عنده: أنها قد أوهمت في خبرها في إبطال السكنى، وكانت النفقة بمنزلة السكنى - لم يقبل خبرها، وسوغ الاجتهاد في رده.
وعلى أنه: قد روى في بعض الأخبار (أن عمر رضي الله عنه قال: بعث النبي عليه السلام يقول: لها السكنى والنفقة)) رواه حماد بن سلمة (2) عن حماد بن أبي سليمان (3) عن إبراهيم (4) عن عمر، فإن صح هذا فإنما رد خبرها لهذه العلة، لا لأنه خبر واحد.
وأما قوله: إن عمر جعل العلة في رد خبرها: أنه لا يدري صدقته أم كذبت. فإنه لم يقتصر في الاعتلال لرده على ذلك، لأنه قال مع ذلك: لا ندع كتاب ربنا، ولا سنة نبينا، لخبر من يجوز الصدق والكذب في خبره، وما ورد به الكتاب فهو حق وصدق، لا يسمع الشك فيه.
وكذلك ما سمعه من النبي عليه السلام، وكذلك نقول: إن أخبار الآحاد لا يعترض بها على الكتاب، ولا على السنن الثابتة من طريق اليقين، وعلى أن جواز الصدق والكذب على المخبر بانفراده لو كان علة لرده - لوجب رد خبر الاثنين أيضا لهذه العلة، ولوجب رد الشهادات كلها أيضا لذلك.
وأما رد أبي بكر وعمر خبر عثمان في رد الحكم بن العاص إلى المدينة - فإن عثمان