باب القول في الصحابي إذا روي خبرا ثم عمل بخلافه قال أبو بكر رحمه الله: هذا على وجهين:
إن كان الخبر يحتمل التأويل لم يلتفت إلى تأويل الصحابي ولا غيره، وأمضى الخبر على ظاهره، إلا أن تقوم الدلالة على وجوب صرفه إلى ما يؤوله الراوي.
والوجه الآخر: أن يرويه ثم يقول بخلافه فيما لا يحتمل التأويل، ولا يصلح أن يكون اللفظ عبارة عنه. فهذا يدل عندنا من قوله: أنه قد علم نسخ الخبر، أو عقل من ظاهر حاله: أن مراده كان الندب، دون الإيجاب.
فالأول: نحو ما روي ابن عمر رضي الله عنه عن النبي عليه السلام أنه قال:
(المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا). والتفريق يكون بالقول، ويكون بالفعل، واللفظ يحتمل.
وكان مذهب ابن عمر: أنه على التفريق بالأبد أن. وهذا تأويل منه، فلا يقضي تأويله على مراد الخبر.
والوجه الثاني: نحو ما روى أبو هريرة عن النبي عليه السلام: (في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا). (1) ونظيره أيضا: ما روي عن عمر رضي الله عنه: أنه كان على المنبر يوم الجمعة فجاء عثمان فقال له عمر: (أيت ساعة هذه؟ فقال: ما هو إلا أن سمعت النداء، فما زدت على أن