قبول الشهادات كلها، وإن كان الشهود عدولا عندنا، يجوز أن يكونوا قد فسقوا، فهذا اعتبار ظاهر البطلان.
واستدل على اعتبار خبر الاثنين: أن الشهادات على الحقوق لا يقبل فيها أقل من الاثنين، وأن الواحد غير مقطوع بشهادته، فكذلك يجب أن يكون حكمه في أمور الديانات، ثم لم يجمع بينهما لعلة توجب قياس الأخبار على الشهادات.
قال أبو بكر رحمه الله: وليست الشهادة أصلا للأخبار، لاتفاق الجميع على قبول أخبار العبيد، والمحدودين في القذف، وخبر النساء وحدهن.
واتفق الجميع أيضا: على أن الشهادات في الأموال غير مقبولة، إلا من الأحرار غير المحدودين في القذف، وأن (شهادة) (1) النساء وحدهن (2) مقبولة في الولادة، ونحوها، فثبت أن الشهادات ليست بأصل للأخبار. (3) ولو كانت الشهادات أصلا لذلك لوجب أن لا يقبل الخبر في إثبات حد الزنا إلا أربعة، كما لا يقبل على الزنا إلا شهادة أربعة، ولوجب أن لا يقبل خبر النساء، وإن كثرن، مع الرجال في الحدود، كما لا يقبل شهادتهن فيها، فدل على ما وصفنا: أن الأخبار غير معتبرة بالشهادات. ويلزمه أيضا أن يعتبر في الأخبار، رجلين أو رجلا وامرأتين، فيما يقبل فيه شهادة النساء مع الرجال: أن الشهادات كذلك حكمها في هذا الوجه، ولم يعتبر ذلك أحد في الأخبار، فدل على صحة ما وصفنا.
ويدل أيضا على ذلك: أن الشهادة لا تقبل إلا على المعاينة. (4) والأخبار يقبل فيها:
فلان عن فلان، ويعتبر في الشهادات ذكر لفظ الشهادة، ولا يعتبر ذلك في الخبر، والخبر يصح نقله عن السامع وإن لم يأمره بالنقل عنه، والشهادة على الشهادة لا تصح، إلا بتحميل الشاهد إياه، وأمره بالشهادة على شهادته.
واحتج من رد خبر الواحد، وقبل خبر الاثنين، بأخبار لم يثبت شئ منها من الطريق