العامي إلى معرفة الحكم كحاجة غيره، فلا بد من أن يكون منه توقيف الجماعة على الحكم، على الوجه الذي وصفنا.
ألا ترى: أنه لم يكن يختص بتعليم الصلاة والزكاة والصيام وغسل الجنابة - الخاصة دون الكافة. فكذلك سائر ما عممت فيه البلوى، ودعت الحاجة إليه، سبيله: أن يكون نقله من طريق التواتر والاستفاضة.
وأما ما روى من الأخبار، وعمل الناس بخلافه: فنحو ما روى عن النبي عليه السلام (كان يقنت في المغرب وفي سائر الصلوات).
واتفق أهل العلم على خلافه، فهو حديث سلمة بن المحبق عن النبي عليه السلام فيمن وقع على جارية امرأته: أنها (إن طاوعته فهي له، وعليه مثلها، وإن كان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها).
وكذلك حديث مانع الصدقة، وآخذ الثمرة من أكمامها، قد اتفق الناس على العمل بخلافها، قال عيسى بن أبان: ورد أخبار الآحاد لعلل عليه عمل الناس، وهو مذهب الأئمة من الصحابة، ومن بعدهم، وذكر أخبارا ردها السلف للعلل التي قدمنا ذكرها، فمنها: (رد عمر لحديث أبي موسى في الاستئذان ثلاثا) لأنه مما تعم به البلوى، وهو في كتاب الله تعالى قال الله تعالى: (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) (1) فاستنكر عمر انفراد أبي موسى بمعرفة تحديد الثلاث دون الكافة، مع عموم الحاجة إليه، فأوعده حتى حضر مجلس الأنصار، فذكر ذلك لهم فعرفوه، وقالوا: (لا يقوم معك إلا أصغرنا).
فقام أبو سعيد الخدري وأخبره بذلك، ألا ترى: أنه لو لم يوجد (2) عبد الرحمن بن عوف، ولا حمل بن مالك، وغيرهما ممن كان يرى الخبر الخاص بل كان يقبله منهم، ويعمل به إذا لم يكن فيه علة يرد من أجلها.
فإن قال قائل: فقد قبل عمر خبر أبي سعيد حين شهد لأبي موسى، ومعلوم أن خبر الاثنين والواحد سواء في عموم وقوع العلم به، وشرطك في مثله ألا يقبل إلا الخبر المتواتر.
قيل له: إن عمر لم يقتصر على خبر أبي سعيد، لأن أبا سعيد أخبره عن نفسه، وعن