منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٧١١
من أول حدوثه إلى الأبد، وأدلة الخيارات تدل على عدم وجوب الوفاء به في بعض الحالات أو الأزمنة، ولا توجب خروج أصل البيع عن فرديته لعنوان العقد، فدليل خيار المجلس يدل على جواز المعاملة ما دام المتبايعان في المجلس، ودليل خيار الغبن يدل على عدم وجوب الوفاء بالبيع الغبني حين ظهور الغبن، وهكذا سائر أدلة الخيارات، فإنها لا توجب تخصيص الفرد وإخراجه عن العموم، وإنما تقيد إطلاق ذلك الوفاء الوحداني المستمر سواء أكان زمان التقييد قصيرا أم طويلا، ولو شك في طول زمان المقيد وقصره كان المرجع أصالة الاطلاق.
وحيث كان المقصود التمسك في المقام بإطلاق الآية فلا فرق فيه بين التخصيص في الابتداء والانتهاء والاثناء بعد أن كان المجعول طبيعي الحكم لطبيعي الوفاء في طبيعي الزمان، وليست وحدة الوفاء الواجب شخصية حتى يتوهم تبعض الواحد وتجزئة البسيط كما تقدم بيانه في الامر الأول.
نعم فرق بين هذا المطلق وسائر المطلقات في كون أفراده طولية، لان الافراد والوفاءات طولية باعتبار أجزأ الزمان المتلاحقة وجودا، بخلاف أفراد سائر المطلقات فإنها عرضية مجتمعة في الوجود كإطلاق الرقبة الشامل للعالم والجاهل والأبيض والأسود، لكنك خبير بعدم كون طولية الافراد فارقة ولا قادحة في التمسك بأصالة الاطلاق.
فتلخص مما ذكرناه أن أصالة الاطلاق في مثل الآية الشريفة هي المرجع في الشك في التقييد الزائد، ولا يجدي فرض ظرفية الزمان للعام في المنع من التمسك به مطلقا كما لعله مقتضى كلام الشيخ أو في خصوص الأثناء كما التزم به المصنف هنا وفي الحاشية، وذلك لما عرفت من أن وحدة وجوب الوفاء ليست شخصية بل نوعية، وإطلاق هذا الواحد النوعي حجة في الشك في أصل التقييد وفي التقييد الزائد، فتأمل في المقام فإنه به حقيق. وقد اعتمدنا في كثير مما تقدم على إفادات العلمين المحققين العراقي والأصفهاني، فراجع كلاميهما لمزيد الاطلاع على أنظارهما الشريفة.