منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٧٠٩
فلو ورد خطاب آخر كان معارضا له لا مخصصا، فصحة التخصيص منوطة بتعدد الحكم سواء تعدد الانشاء كما إذا قال: (أكرم العلماء) فإنه في قوة إنشاءات متعددة بعدد أفراده، أم لم يتعدد كما إذا قال: (تواضع للفقير) فان المنشأ هو طبيعة التواضع، فوحدته نوعية لا شخصية، فالمتكلم يقصد البعث إلى طبيعة التواضع للفقير، ولذا يصح تقييده بقوله: (ولا تواضع له إذا صار فاسقا) ومقتضى تعلق طبيعي البعث بطبيعي التواضع هو تعلق فرد من الوجوب بفرد من التواضع، ولأجله يتعدد إطاعته وعصيانه، مع أن الواحد الشخصي له امتثال واحد وعصيان كذلك.
وبوضوح ما ذكرناه في الامرين تعرف أن الحق في المقام ما حكي عن ثاني المحققين في جامع المقاصد من فورية خيار الغبن معللا له (بأن العموم في أفراد العقود يستتبع عموم الأزمنة، وإلا لم ينتفع بعمومه) فان ظاهره توقف الانتفاع بعمومه الافرادي على الملازمة بينه وبين العموم الأزماني، وإلا كان جعل اللزوم لكل فرد من أفراد العقود لغوا، فان البيع من أجلى أفراد العقود المتداولة، فإذا كان وجوب الوفاء به مختصا بآن وقوعه وجاز فسخه في سائر الآنات لم يترتب فائدة على هذا اللزوم، بل ربما يختل به النظام، فلا بد في دفع هذا المحذور من عموم وجوب الوفاء لجميع الأزمنة.
وعليه فلا يتم ما فصله الشيخ والمصنف بين قيدية الزمان وظرفيته، فان الزمان وإن كان ظرفا في ظاهر الآية الشريفة ولا دخل له في مصلحة الوفاء بالعقد، إلا أن المجعول حيث كان طبيعي الوجوب لطبيعي الوفاء بكل عقد فورود المخصص سواء أكان في الابتداء أم في الأثناء لا يمنع التمسك بالعام في غير زمان الخاص، وذلك لان للآية الشريفة دلالتين:
إحداهما: دلالتها على العموم الافرادي بمقتضى الجمع المحلى باللام، فتدل على وجوب الوفاء بكل عقد.
وثانيتهما: دلالتها على إطلاقها الأزماني والأحوالي من حيث خصوصيات