منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٥٣١
ثم ناقش فيه المحقق الآشتياني (قده) بوجهين أحدهما: (أن مناط تقديم الحاكم على المحكوم موجود هنا، لتعدد رتبة الأصلين، حيث إن الشك في الأثر الشرعي مسبب أولا وبالذات عن الشك في الملزوم، لتقدمه بحسب الرتبة، فإذا حكم الشارع بثبوت الملزوم لجريان الأصل فيه ثبت كون الأصل في الواسطة مما لا يترتب عليه أثر، والأصل الذي لا يترتب عليه أثر خارج عن أدلة الاستصحاب تخصصا، فتأمل).
لكن فيه: أن ضابط حكومة الأصل السببي على المسببي لا ينطبق على المقام، لان المترتب على الأصل السببي أعني استصحاب عدم الحاجب هو انغسال العضو، وليس ذلك حكما شرعيا، ومن المعلوم أنه لا بد أن يكون المسبب حكما شرعيا، ولعله أشار إليه بالامر بالتأمل.
وثانيهما: أن الواسطة وإن لم تكن مجعولة، إلا أنها مما يتعلق به التنزيل بالواسطة فلا معنى لجريان الأصل فيها.
وفيه: أنه إن أريد تعلق التنزيل بالواسطة كتعلقه بذيها بأن ينزل الشك في الحاجب بمنزلة عدمه والشك في وصول الماء إلى البشرة بمنزلة عدمه بمعنى البناء على وصوله كان ذلك التزاما بالتعارض، ضرورة أن اليقين سابقا بعدم وصول الماء مع الشك الفعلي في وصوله يوجب جريان استصحاب عدم الوصول، وهو يعارض تنزيل عدم الوصول منزلة وصوله. وان أريد ترتب أثر الواسطة وهو صحة الوضوء من حيث كون أثر الأثر أثرا للمستصحب وهو عدم الحاجب من دون تعلق تنزيل بالواسطة - وإن كان خلاف صريح كلامه: (إلا أنها مما يتعلق به التنزيل بالواسطة) - فمرجعه إلى الوجه الأول وهو حكومة الأصل السببي على المسببي المانعة عن جريان الأصل المسببي، لارتفاع موضوعه بالأصل السببي، ويرد عليه ما ورد على ذلك الوجه من عدم انطباق ضابط حكومة الأصل السببي على المسببي على المورد، لعدم كون المسبب أثرا شرعيا.