منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٤٧٤
جرى الاستصحاب فيه كجريانه في الوجود الفعلي غير المعلق على شئ.
ثم إن الشيخ (قده) أرجع الاستصحاب التعليقي إلى التنجيزي حتى لا يرد عليه إشكال التعليقية، حيث قال: (مع أنك قد عرفت أن الملازمة وسببية الملزوم للازم موجود بالفعل، وجد الملزوم أم لم يوجد، لان صدق الشرطية لا يتوقف على صدق الشرط، وهذا الاستصحاب غير متوقف على وجود الملزوم) وقال أيضا في طهارته في تاسع النجاسات في رد من جعل المستصحب في غليان ماء الزبيب حكما تعليقيا: (وفيه: أن هذا ليس من الاستصحاب التعليقي، بل هو استصحاب حكم شرعي تنجيزي وهي سببية غليانه للحرمة و استلزامه لها، فالمستصحب هو الاستلزام المنجز، لا ثبوت اللازم المعلق، وتمام الكلام في محله).
وهاتان العبارتان صريحتان في أن السببية حكم فعلي منجز لا تعليق فيه، واستصحابها تنجيزي لا تعليقي، وهما تدلان على كون السببية عنده مجعولة لا منتزعة عن الحكم التكليفي، ضرورة أن فعليتها لا تلائم انتزاعيتها عن الحكم التكليفي الذي ليس هو موجودا فعليا، لتوقفه على الغليان في المثال، إذ الحكم الصالح لانتزاع السببية عنه في المقام هي الحرمة المشروطة بالغليان، ومع عدم فعلية منشأ الانتزاع لا يعقل فعلية ما ينتزع عنه.
ولذا لا يرد عليه ما في تقريرات المحقق النائيني (قده): (أولا: أن الملازمة وان كانت أزلية، إلا أنك قد عرفت في الأحكام الوضعية عدم تعقل الجعل الشرعي للملازمة والسببية، فلا يجري استصحاب السببية في شئ من الموارد. وثانيا: من أن الملازمة بعد تسليم كونها من المجعولات الشرعية فإنما هي مجعولة بعد تمام الموضوع والحكم، بمعنى أن الشارع جعل الملازمة بين العنب المغلي وبين نجاسته و حرمته، والشك في بقاء الملازمة بين تمام الموضوع والحكم لا يعقل إلا بالشك في نسخ الملازمة، فيرجع إلى استصحاب عدم النسخ ولا إشكال فيه، وهو غير الاستصحاب التعليقي المصطلح عليه.
فالانصاف: أن الاستصحاب التعليقي