منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٤٧٢
في دفعه بقوله: (وأنت خبير بما فيه) فان الانصراف إن كان لكثرة الاحكام المطلقة وقلة الاحكام المعلقة، ففيه منع صغرى وكبرى. أما الصغرى فلما فيها من أن كثرة المطلقة وقلة المعلقة دعوى بلا بينة، لكثرة الاحكام المعلقة، إذ لا أقل من إناطتها بالشرائط العامة، بل جميع الأحكام معلقة، إذ المشروط بعد تحقق شرطه لا يصير مطلقا، لان معنى الاطلاق هو عدم تقيد الحكم بوجود شئ وعدمه، وهذا مناف للاشتراط والتقييد، فوجوب الحج مثلا بعد تحقق شرطه وهو الاستطاعة لا يصير مطلقا بأن يخرج الوجوب عن المشروطية بحيث يصير وجود الاستطاعة وعدمها بالنسبة إليه وإلى ملاكه على حد سواء.
وأما الكبرى فلما فيها من: أن كثرة الوجود بنفسها لا توجب الانصراف الصالح لتقييد الاطلاق، إذ الصالح منه للتقييد لا بد أن يكون بمنزلة القرينة الحافة بالكلام المانعة عن انعقاد ظهوره في الاطلاق، و هذا الانصراف لو لم يقطع بعدمه فالشك في وجوده كاف في لزوم التمسك بالاطلاق وعدم رفع اليد عنه، لكونه من الشك في التقييد الذي يرجع فيه إلى الاطلاق.
وإن كان الانصراف لعدم أنس الذهن بالوجود التعليقي كأنسه بالوجود التنجيزي، ففيه: أنه من الانصراف البدوي الزائل بالتأمل، و ذلك لا يصلح للتقييد أيضا، كانصراف الماء في قوله للكوفي: (توضأ) إلى ماء الفرات، فإذا نزل بها مسافر من مصر مثلا ومعه شئ من ماء مصر فهل يصح القول بعدم جوازالوضوء به لانصراف الماء إلى ماء الفرات؟ فالمتحصل: أن دعوى انصراف أخبار الاستصحاب عن الوجود التعليقي غير مسموعة.
الوجه الخامس: انتفاء الموضوع في الاستصحاب التعليقي، ومن البديهي اعتبار بقائه في كل استصحاب، فالعنب المتبدل بالزبيب يعد معدوما، فلا وجه لجريان الاستصحاب التعليقي فيه. وقد أشار إلى هذا الوجه شيخنا الأعظم (قده) بقوله: (نعم ربما يناقش الاستصحاب المذكور تارة بانتفاء الموضوع وهو العنب).