منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٣٣٣
بماء محكوم بالطهارة لقاعدتها وصار الثوب طاهرا بمقتضى هذه القاعدة ثم شك في تنجسه بملاقاة النجاسة فلا يجري فيه الاستصحاب، لان طهارة الثوب ظاهرية محضة فلا ربط لها بالواقع حتى يجري فيها الاستصحاب وينزلها منزلة الطهارة الواقعية، بل الجاري فيه نفس قاعدة الطهارة أيضا المغياة بالعلم بخلافها، بل هي الجارية أيضا فيما إذا حكم بطهارته بقاعدة الصحة مثلا مما يكون مفاده حكما ظاهريا غير ناظر إلى الواقع.
فالضابط في جريان الاستصحاب هو: صحة تنزيل المستصحب منزلة الواقع، وهذا الضابط مفقود فيما عدا الأصول التنزيلية كما عرفت.
وأما فيها فالضابط المذكور منطبق عليها، حيث إن الشك في نجاسة الثوب الذي طهر بماء مستصحب الطهارة فرد جديد لعموم (لا تنقض) وأجنبي عن استصحاب طهارة الماء الموجبة لطهارة الثوب، فلا يقال: (ان استصحاب طهارة الماء كاف في إثبات طهارة الثوب عند الشك في ملاقاته للنجاسة، نظرا إلى أن الغاية وهي اليقين بالخلاف لم يحصل).
وذلك لان هذا الشك واليقين فرد آخر للاستصحاب، وأجنبي عن الاستصحاب الجاري في الماء، إذ الشك الفعلي في نجاسة الثوب نشأ من سبب جديد وهو احتمال ملاقاته، فيجري الاستصحاب في طهارة الثوب بلا مانع، كما يجري في الثوب إذا علم بطهارته ثم شك في نجاسته لاحتمال ملاقاته للنجاسة، فان الطهارة التنزيلية كالطهارة الواقعية في جريان الاستصحاب فيها إذا شك في بقائها. والله تعالى هو العالم.