(فان قلت) هب ذلك، لكن ورود الطريق على الأصول موقوف على شمول دليل الحجية لمواردها، وأي ترجيح لشمول دليل الحجية على شمول أدلة الأصول، مع كون المورد قابلا لهما في أول الامر؟
(قلت شمول أدلة الطريق لا مانع منه أصلا، لوجود موضوعها مطلقا، وعدم ما يدل على التخصيص، بخلاف شمول أدلة الأصول، فان موضوعها يبتنى على عدم شمول دليل حجية الطرق. ولا وجه له بعد وجود الموضوع مطلقا، وعدم ما يدل على التخصيص.
وبعبارة أخرى: الامر دائر بين التخصيص والتخصص، والأول خلاف الأصول دون الثاني. والعجب من شيخنا المرتضى (قدس سره) حيث أنه - بعد ما نقل كون العمل بالأدلة في مقابل الاستصحاب من التخصيص، بناءا على أن المراد من الشك عدم الدليل والطريق والتحير في العمل - استشكل بأنه لا يرفع التحير في خصوص مورد الاستصحاب، الا بعد اثبات كون مؤداه حاكما على مؤدى الاستصحاب، والا أمكن أن يقال: إن مؤدى الاستصحاب وجوب العمل على الحالة السابقة، مع عدم اليقين بارتفاعها، سواء كانت هناك الامارة الفلانية أم لا، ومؤدى دليل تلك الامارة وجوب العمل بمؤداها، خالف الحالة السابقة أم لا. ولا تندفع هذه المغالطة الا بما ذكرنا من طريق الحكومة. انتهى.
وأنت خبير بأنه - بعد ما فرض ان المراد من الشك المأخوذ في الاستصحاب هو عدم الدليل والتحير (130) - لا يمكن ان يقال: ان مؤداه وجوب
____________________
(130) لان حجية الامارة القائمة على خلاف مقتضى الاستصحاب إن كانت مقطوعة، فلا مناص عما ذكره (قدس سره)، لأنه لا يبقى على الفرض موضوع للاستصحاب، لتحقق غايته، وأما لو احتمل عدم حجيتها في خصوص المورد في