لا يقال قضية قوله (عليه السلام) في بعض الاخبار: (ولكن تنقضه بيقين آخر) هو النهى عن النقض بغير اليقين، والدليل المعتبر غير موجب لليقين مطلقا، فكيف يقدم كذلك؟
لأنا نقول: لا محالة يكون الدليل موجبا لليقين، غاية الامر لا بالعناوين الأولية للأشياء، بل بعناوينها الطارئة الثانوية، مثل ان يكون قد دل على وجوبه أو حرمته خبر العدل، أو قامت البينة على ملكيته أو نجاسته بالملاقاة، إلى غير ذلك من العناوين المنتزعة. انتهى ما أردنا من نقل كلامه دام بقاه.
ولا يخفى أن جعل اليقين الذي جعل غاية للاستصحاب - عبارة عن اليقين بالحكم بوجه من الوجوه، وان كان من الوجوه الظاهرية - يلازم جعل الشك الموضوع فيه عبارة عن عدم العلم بالحكم بوجه من الوجوه كذلك. وعلى هذا فبعد قيام الدليل المعتبر ليس الشك بهذا المعنى موجودا. وحينئذ فلا حاجة إلى تسليم ان الدليل المعتبر لا يوجب خروج المورد عن مورد الاستصحاب، ولكن يخرجه عما تعلق به النهى من النقض بالشك. وكيف كان ففي ما افاده دام بقاه مواقع للنظر:
(أحدها) ان وجود الدليل المعتبر على خلاف الحالة السابقة، بعد ما لم يكن موجبا للعلم، لا يخرج المورد عن صدق نقض اليقين بالشك، لأن المفروض بقاء الشك بحالة، ولا نعنى بنقض اليقين بالشك الا رفع اليد عن الحالة السابقة في حال الشك، (131) نعم هو نقض لليقين بالشك بواسطة الدليل.
____________________
(131) لا يخفى أن الظاهر من تلك القضية رفع اليد عن العمل باليقين في حال الشك بواسطة الشك، كما هو المتعارف، فان المتوضي إذا شك في نقض