ومما ذكرنا يظهر أنه لا فرق في تقدم الطرق على الأصول العملية، بين ما يكون مخالفا لها أو موافقا، وكذلك لا فرق على ما افاده شيخنا المرتضى قدس سره، لان وجود الطريق موجب لارتفاع موضوع الأصول، بناءا على ما قلنا، وارتفاع حكمه بناءا على ما أفاده قدس سره.
ويمكن ان تقرر الحكومة: بأن حجية الخبر والطرق وإن قلنا بأنها حكم تعبدي من الشارع، إلا أن أدلة وجوب الاخذ بها تدل عليه بلسان الارشاد إلى الواقع، فكما أن المرشد حقيقة يكون غرضه رفع الشك من المسترشد، كذلك المتعبد بلسان الارشاد يفهم منه العرف أن غرضه رفع الشك تعبدا، وهو راجع إلى رفع آثاره.
وذهب شيخنا الأستاذ دام بقاه في المقام إلى القول بورود الطرق على الاستصحاب وسائر الأصول العملية، بتقريب آخر، قال في مبحث الاستصحاب: إن مجرد الدليل على خلاف الحالة السابقة، وان لم يوجب خروج المورد عن مورد الاستصحاب، إلا أنه يخرجه حقيقة عما تعلق به النهى في اخبار الباب من النقض بالشك، فإنه لا يكون معه نقضا بالشك، بل بالدليل، فلا يعمه
____________________
علم الله، ولزوم العمل على الاستصحاب، ودفعنا ذلك الاحتمال بأصالة العموم، لدليل تلك الامارة، فهي لا تفيد الا تنزيل تلك الامارة بمنزلة المقطوع حجيتها. وهذا معنى الحكومة. ولولا هذا التنزيل لم يكن وجه لتقدم عموم دليل الحجية على عموم دليل الاستصحاب. وهذا مراد الشيخ (قدس سره) فيما افاده.