وأما الدليل الثالث، فقد أشبعنا الكلام فيه في بحث وجوب المقدمة (17). وذكرنا هناك عدم الفرق بين مثل هذه القيود المتأخرة رتبة عن الحكم. وساير القيود، فلا نطيل المقام بإعادته. ومن أراد فليراجع.
____________________
(17) بمنع لزوم الدور كما مر، وعلى فرض تسليم الدور يمكن أن يستكشف عدم تقيد الغرض بمعونة مناط مقدمات الحكمة، وهو لزوم نقض الغرض من عدم اظهار القيد ولو بدليل منفصل حيث اظهاره به. وأما على طريقة الأستاذ - دام بقاه - من ظهور اسناد الحكم إلى المطلق في تعلق الحكم بالطبيعة بالأصالة، لا بواسطة تعلقه ببعض افرادها، فيمكن ان يقال في المقام: إن الظاهر تعلق الطلب بها من حيث نفسها، لا من حيث كونها مقدمة لشئ آخر، بل يمكن استكشاف عدم القيد في المقام بقرينة أخرى، وهي كون قصد الوجه والتميز مغفولا عنه عند العامة، بحيث لا يمكن عدم اظهاره وايكاله إلى المكلف، وإن فرض عدما استكشافه عند الالتفات.
هذا كله في الاطلاق واما الأصل العملي: فان كان الشك في تحقق العبادة بدون هذا القيد عقلا، فالأصل هو الاشتغال من دون حاجة إلى الاستدلال، وأما إن كان الشك في دخله في الغرض مع القطع بتحقق العبادة بدونه، فالظاهر أنه من قبيل المطلق والمقيد وتجري فيه البراءة، وإن قيل بعدم امكان دخله في المأمور به، لأن الشك في السقوط ناش عن الشك في ثبوت الغرض، والغرض - على فرض لزوم تحصيله - إنما هو فيما كان ثبوته مقطوعا به، لا فيما شك ثبوته من أول الامر. فمن امر بشئ، مع قطع المأمور بكون الغرض حصول شئ يجب الاحتياط باتيان كل ما يحتمل دخله فيه. وأما إذا أمر بشئ - مع احتمال ان يكون الغرض شيئا لا يحصل باتيان المأمور به - فلا يجب الاحتياط بمجرد هذا الاحتمال وذاك التقرير بعينه جار في
هذا كله في الاطلاق واما الأصل العملي: فان كان الشك في تحقق العبادة بدون هذا القيد عقلا، فالأصل هو الاشتغال من دون حاجة إلى الاستدلال، وأما إن كان الشك في دخله في الغرض مع القطع بتحقق العبادة بدونه، فالظاهر أنه من قبيل المطلق والمقيد وتجري فيه البراءة، وإن قيل بعدم امكان دخله في المأمور به، لأن الشك في السقوط ناش عن الشك في ثبوت الغرض، والغرض - على فرض لزوم تحصيله - إنما هو فيما كان ثبوته مقطوعا به، لا فيما شك ثبوته من أول الامر. فمن امر بشئ، مع قطع المأمور بكون الغرض حصول شئ يجب الاحتياط باتيان كل ما يحتمل دخله فيه. وأما إذا أمر بشئ - مع احتمال ان يكون الغرض شيئا لا يحصل باتيان المأمور به - فلا يجب الاحتياط بمجرد هذا الاحتمال وذاك التقرير بعينه جار في