والحاصل انه لا دليل على وجوب الالتزام بشخص حكم في الواقعة المشكوك فيها، ولا يجوز الالتزام به لكونه تشريعا. ومن هنا يظهر عدم المانع عقلا، للالتزام بحكم آخر غير الوجوب والتحريم في مورد الشك (20) كالإباحة إذا اقتضت أدلة الأصول ذلك، لان المانع المتصور هنا إما لزوم الالتزام بشخص الوجوب أو الحرمة، وهذا ينافي الالتزام بالإباحة. وإما لزوم الالتزام بالواقع المردد على ما هو عليه.
اما الأول فمفقود لما عرفت. وأما الثاني فليس بمانع، لعدم المنافاة بين الالتزامين كما أنه لا منافاة بين نفس الحكمين، لما حقق من عدم المنافاة بين الاحكام الواقعية والاحكام المجعولة في موضوع الشك، ومع عدم المنافاة بين نفس الحكمين لا يعقل أن يكون الالتزام بأحدهما منافيا للالتزام بالآخر. هذا في الواقعة الواحدة التي لم تكن لها مخالفة عملية أصلا.
وأما الوقايع المتعددة، كما لو دار الامر بين وجوب صلاة الجمعة دائما، أو حرمتها كذلك، فالكلام - في عدم وجوب الالتزام بشخص حكم من الشرع: من الوجوب أو الحرمة، بل حرمته - هو الكلام فيما سبق.
وأما الالتزام بالحكم المخالف فمبني على جريان دليل الأصل
____________________
(20) نعم هنا كلام بالنسبة إلى أدلة بعض الأحكام في مرحلة الاثبات، كأن يقال: إن دليل أصالة الحلية منصرف إلى محتمل الحلية والحرمة، لا المردد بين الوجوب والحرمة، اللهم إلا أن يتمسك (برفع) بتقريب أن يقال: ان الحديث يدل على رفع المؤاخذة عما لا يعلم بعلم يؤثر في تحريك العالم، نحو ما علم ولو بالاحتياط.
ومعلوم أن العالم بأحد الحكمين من الوجوب والحرمة يتأثر من علمه فتأمل.
ومعلوم أن العالم بأحد الحكمين من الوجوب والحرمة يتأثر من علمه فتأمل.