وكيف كان فالأولى أن يقال - كما افاده شيخنا المرتضى قدس سره أخيرا - بان النسيان وكذا الخطأ قد يكون من جهة مسامحة المكلف وعدم المبالاة في الحفظ، وقد يكون غير مستند إليه. والقبيح مؤاخذة الناسي والمخطئ، مثلا إذا لم يكونا مستندين إليه. وأما في صورة الاستناد إليه، فليست المؤاخذة قبيحة، فيصح ان يرفع الشارع المؤاخذة عن الناسي.
ومثله، بان لا يوجب عليهم التحفظ أولا.
(الرابع) - أنه إن بنينا على أن المرفوع تمام الآثار، يمكن أن يقال لو نسى جزءا من اجزاء الصلاة وأتى بالباقي، كانت مجزية ولا تجب عليه الإعادة بعد الالتفات، إذ هي من الآثار الجزئية، فهي مرفوعة في حال النسيان، فيدل الخبر على أن المكلف به للناسي هي الصلاة من دون ذلك الجزء المنسى.
والاشكال - بان الجزئية غير قابلة للرفع لأنها من الآثار الوضعية التي قلنا بعدم الجعل فيها - مدفوع بما مر في رفع المؤاخذة: من أنها وان كانت غير قابلة للجعل بنفسها، الا انها قابلة له من جهة منشأ انتزاعها.
هذا، ولكن ما قلناه انما هو مبنى على صحة اختصاص الناسي بالتكليف، كما هو التحقيق والمحقق في محله. واما على مذهب شيخنا المرتضى قدس سره من عدم امكانه، فلا يصح الاستدلال، كما لا يخفى (76).
____________________
(76) الظاهر أن القول برفع الجزئية بهذا الحديث مشكل، حتى على قول من يجوز اختصاص الناسي بالخطاب، ويصحح رفع الشئ إذا كان منشأه قابلا للرفع،