الجنابة، أو عدم وجوب التطهير على من أكره على النجاسة، بدعوى: أن الجنابة المكره عليها وإن لم تقبل الرفع التشريعي، إلا أنها باعتبار مالها من الأثر - وهو الغسل - قابلة للرفع، فإن الغسل والتطهير أمران وجوديان قد أمر الشارع بهما عقيب الجنابة والنجاسة مطلقا، من غير فرق بين الجنابة والنجاسة الاختيارية وغيرها (1) انتهى.
وفيه: أن ما تفصى [به] عن الإشكال مما لا يرجع إلى محصل، فإن كونهما أمرين وجوديين لا يوجب عدم رفعهما بالحديث، وإطلاق أدلتهما لحال الاختيار وغيره لا يوجب ذلك، لحكومته عليها، بل من شرط حكومته عليها إطلاقها لحال تلك العناوين المأخوذة في الحديث.
والتحقيق في الجواب عن الإشكال أن يقال: إن غسل الجنابة مستحب نفسي وشرط للصلاة، فبالنسبة إلى الأثر الاستحبابي لا يشمله الحديث، لعدم المنة في رفع المستحبات، وأما بالنسبة إلى اشتراط الصلاة به، فالإكراه إنما يتحقق إذا أكره على ترك الغسل للصلاة، فحينئذ إذا كان المكلف مختارا في التيمم وضاق الوقت، يتبدل تكليفه به، ووجهه ظاهر، وإن أكره على تركه أيضا، فإن قلنا: بأن الصلاة بلا طهور لا تكون صلاة في نظر الشارع يسقط التكليف بها، فيكون حاله حال المكره على ترك الصلاة.
وأما بالنسبة إلى الطهارة الخبثية، فمع كونه مكرها على ترك غسل البدن والساتر الراجع إلى الإتيان مع المانع، يرفع وجوب طهارتهما واشتراطها بهما