عرفت (1) أن مقتضى حكومة الحديث على الأدلة الأولية رفع المانعية، وصيرورة المأتي به مع وجود المانع المشكوك فيه مصداقا للطبيعة، وعدم معقولية بقاء الأمر مع الإتيان بمصداق المأمور به، ولافرق في ذلك بين الشبهة الحكمية والموضوعية بعد صيرورة المأتي به مصداقا للطبيعة.
وقد استشكل شيخنا العلامة - أعلى الله مقامه - في الشبهة الحكمية، وقال: إن الصحة فيها إنما تكون ما دام شاكا، فإذا قطع بالمانعية يجب عليه الإعادة، ولا يمكن القول بتخصيص المانع بما علم مانعيته، فإنه مستحيل، بخلاف الشبهة الموضوعية، لإمكان ذلك فيها (2).
وفيه: أن المستحيل هو جعل المانعية ابتداء للعالم بالمانعية، وأما إنشاؤها بنحو الإطلاق، ثم رفع مانعيتها وفعليتها عن المشكوك فيه، مما لا استحالة فيه أبدا، وقد حقق ذلك في مبحث الإجزاء (3) وفي مبحث الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية (4) فرا جع.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن مقتضى دليل الرفع هو توسعة نطاق الطبيعة إلى الفرد الناقص والكامل، أو جعل الفرد الناقص مصداقا لها، فبعد ذلك لا معنى لبقاء الأمر المتعلق بها بعد إتيانها بإتيان الفرد.
هذا تمام الكلام في حديث الرفع، وقد عرفت دلالته على المدعى