أحدها: أن دلالة الاقتضاء تقتضي تقديرا في الكلام، لشهادة الوجدان على وجود الخطأ والنسيان في الخارج، وكذا غيرهما، فلا بد من تقدير أمر صونا لكلام الحكيم عن الكذب واللغوية، والظاهر أن المقدر هو المؤاخذة، وهي في (ما لا يطيقون)، و (ما اضطروا إليه)، و (ما استكرهوا عليه) على نفس هذه المذكورات، ولو قلنا بشمول الموصول في (ما لا يعلمون) الحكم - أيضا - لما أمكن مثل هذا التقدير، إذ لا معنى للمؤاخذة على نفس الحكم، فيخصص بالشبهة الموضوعية (1).
وأجاب عنه بعض أعاظم العصر - على ما في تقريرات بحثه -: بأنه لا حاجة إلى التقدير، فإن التقدير إنما يحتاج إليه إذا توقف تصحيح الكلام عليه، كما إذا كان الكلام إخبارا عن أمر خارجي، أو كان الرفع رفعا تكوينيا فلا بد في تصحيح الكلام من تقدير أمر يخرجه عن الكذب، وأما إذا كان الرفع رفعا تشريعيا فالكلام يصح بلا تقدير، فإن الرفع التشريعي كالنفي التشريعي ليس إخبارا عن أمر واقع، بل إنشاء لحكم يكون وجوده التشريعي بنفس الرفع والنفي (2) انتهى.
وأنت خبير بما فيه، فإن الفرق بين الإخبار والإنشاء في احتياج أحدهما إلى التقدير دون الآخر في غاية السقوط، فإن المصحح لنسبة الرفع إلى المذكورات إن كان متحققا، يخرج الكلام عن اللغوية والبطلان إخبارا كان